فصل: اللغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وجملة: {يمنّ عليكم} في محلّ رفع خبر المبتدأ (اللّه).
وجملة: {هداكم} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) الثاني.
وجملة: {كنتم صادقين} لا محلّ لها استئنافيّة.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي فاللّه يمنّ عليكم.. أو فاللّه المانّ عليكم.

.[سورة الحجرات: آية 18].

{إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (18)}.

.الإعراب:

(الواو) عاطفة في الموضعين (ما) حرف مصدريّ..
والمصدر المؤوّل (ما تعملون) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بالخبر (بصير).
جملة: {إنّ اللّه يعلم} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {يعلم} في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {اللّه بصير} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: {تعملون} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما). اهـ.

.قال محيي الدين الدرويش:

(49) سورة الحجرات مدنية وآياتها ثماني عشرة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

.[سورة الحجرات: الآيات 1- 5].

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقول كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)}.

.اللغة:

{تَحْبَطَ} في المختار: حبط عمله بطل ثوابه وبابه فهم وحبوطا أيضا.
وقال الزمخشري: والحبوط من حبطت الإبل إذا أكلت الخضر فنفخ بطونها وربما هلكت ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «وإن مما ينبت الربيع لما يقتل حبطا».
وفي القاموس: الحبط محركة آثار الجرح أو السياط بالبدن بعد البرء أو الآثار الوارمة التي لم تشقّق فإن تقطعت ودميت فعلوب ووجع ببطن البعير من كلأ يستوبله أو من كلأ يكثر منه فينتفخ منه. إلى أن يقول: وحبط عمله كسمع وضرب حبطا وحبوطا بطل ودم القتل هدرا.
{امْتَحَنَ} في القاموس محنه كمنعه اختبره كامتحنه والاسم المحنة بالكسر وفي الكشاف: والامتحان افتعال من محنه وهو اختبار بليغ أو بلاء جهيد قال أبو عمرو: كل شيء جهدته فقد محنته وأنشد:
أتت رذايا باديا كلالها ** قد محنت واضطربت آطالها

نقول: والرذايا: جمع رذية وهي الناقة المهزولة والآطال جمع أطل وهو الخاصرة كأسباب وسبب، يقول الشاعر:
أتت المطايا مهازيل ظاهرا ** ملالها وتعبها من السير قد أجهدت

تلك النون بالمسير أو قد تدلت واضطربت خواصرها من شدة الجوع وفي الصحاح الأيطل الخاصرة وجمعه أياطل وكذلك الأطل وجمعه آطال.
{الْحُجُراتِ} جمع حجرة وهي فعلة بمعنى مفعولة كالغرفة وجمعها الحجرات بضمتين والحجرات بفتح الجيم والحجرات بتسكينها وقرئ بهنّ جميعا والحجرة القطعة من الأرض المحجورة بحائط أو نحوه.

.الإعراب:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} {يا} حرف نداء للمتوسط و{أيّها} منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب والهاء للتنبيه و{الذين} بدل من {أيّها} وجملة {آمنوا} صلة الموصول و{لا} ناهية و{تقدموا} فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل وفيه وجهان أحدهما أنه متعدّ حذف مفعوله لقصد التعميم أو ترك المفعول للقصد إلى نفس الفعل كقولهم: هو يعطي ويمنع والثاني أنه لازم نحو وجه وتوجه ويؤيده قراءة ابن عباس والضحاك ويعقوب: {تقدموا} بفتح التاء والقاف والدال. و{بين} مفعول فيه ظرف مكان متعلق بتقدموا و{يدي اللّه} مضاف إليه وعلامة جرّه الياء نيابة عن الكسرة لأنه مثنى ولفظ الجلالة مضاف إليه {ورسوله} عطف على لفظ الجلالة.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} الواو حرف عطف {واتقوا} فعل أمر وفاعل ولفظ الجلالة مفعول به وإن واسمها وخبراها والجملة تعليلية لا محل لها من الإعراب.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} {لا} ناهية و{ترفعوا} فعل مضارع مجزوم بلا والواو فاعل و{أصواتكم} مفعول به و{فوق} ظرف متعلق بترفعوا و{صوت النبي} مضاف إليه.
{وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقول كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} الواو عاطفة و{لا} ناهية و{تجهروا} فعل مضارع مجزوم بلا و{له} متعلقان بتجهروا و{بالقول} متعلقان بتجهروا أيضا والكاف في محل نصب صفة لمصدر محذوف أي لا تجهروا له جهرا مثل جهر بعضكم لبعض، ولبعض متعلقان بجهر لأنه مصدر وأن وما في حيزها في موضع نصب على أنه مفعول لأجله على حذف مضاف أي خشية الحبوط والخشية منهم وقد تنازعه {لا ترفعوا} و{لا تجهروا} وعبارة أبي السعود: وقوله: {أن تحبط أعمالكم} إما علّة للنهي أي لا تجهروا خشية أن تحبط أو كراهة أن تحبط كما في قوله تعالى: {يبيّن اللّه لكم أن تضلّوا} وإما علّة للمنهي أي لا تجهروا لأجل الحبوط فإن الجهر حيث كان بصدد الأداء إلى الحبوط فكأنه فعل لأجله على طريقة التمثيل كقوله تعالى: {ليكون لهم عدوا وحزنا}. وقد فرّق الزمخشري بين الوجهين تفريقا تراه في باب الفوائد.
و{أعمالكم} فاعل تحبط والواو حالية و{أنتم} مبتدأ وجملة {لا تشعرون} خبر {أنتم} والجملة في موضع نصب على الحال.
{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى} إن واسمها وجملة {يغضون} صلة {الذين} و{أصواتهم} مفعول {يغضون} و{عند رسول اللّه} الظرف متعلق بيغضون و{أولئك} مبتدأ و{الذين} خبره والجملة خبر إن.
و{امتحن اللّه قلوبهم} فعل وفاعل ومفعول به و{للتقوى} متعلقان بامتحن على أنها علّة الامتحان لأن الاختبار بالمحن سبب لظهور التقوى لا سبب للتقوى نفسها فهو من إطلاق السبب على المسبّب وسيأتي مزيد من هذا البحث في باب البلاغة، وقال الواحدي: تقدير الكلام امتحن اللّه قلوبهم فأخلصها للتقوى فحذف الإخلاص لدلالة الامتحان عليه ولهذا قال قتادة أخلص اللّه قلوبهم.
وعبارة الزمخشري والمعنى أنهم صبر على التقوى أقوياء على احتمال مشاقها أو وضع الامتحان موضع المعرفة لأن تحقيق الشيء باختباره كما يوضع الخبر موضعها فكأنه قيل عرف اللّه قلوبهم للتقوى وتكون اللام متعلقة بمحذوف واللام هي التي في قولك أنت لهذا الأمر أي كائن له ومختص به وهي ومعمولها منصوبة على الحال أو ضرب اللّه قلوبهم بأنواع المحن والتكاليف الصعبة لأجل بالتقوى أي لتثبت وتظهر تقواها ويعلم أنهم متقون لأن حقيقة التقوى لا تعلم إلا عند المحن والشدائد والاصطبار عليها وقيل أخلصها للتقوى من قولهم امتحن الذهب وفتله إذا أذابه فخلص إبريزه من خبثه ونقاه.
و هذا يجوز أن يكون الذين امتحن بدلا من أولئك أو صفة له كما سيأتي.
{لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} {لهم} خبر مقدم و{مغفرة} مبتدأ مؤخرا {وأجر عظيم} عطف على {مغفرة} الجملة مستأنفة على الوجه الأول وخبر {أولئك} على الوجه الثاني.
{إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} إن واسمها وجملة {ينادونك} صلة الموصول و{من وراء الحجرات} متعلقان بينادونك أي من خارجها خلفها أو قدّامها لأن وراء من الأضداد كما تقدم و{أكثرهم} مبتدأ وجملة {لا يعقلون} خبر {أكثرهم} والجملة الاسمية خبر إن. {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الواو عاطفة وأن واسمها وجملة {صبروا} خبرها وأن وما في خيرها في تأويل مصدر فاعل لفعل محذوف تقديره ثبت على رأي المبرد والزجّاج والكوفيين أو مبتدأ لا يحتاج إلى خبر لأن الخبر يحذف وجوبا بعد لو ولولا على رأي سيبويه وجمهرة البصريين، و{حتى} حرف غاية وجر و{تخرج} فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى و{إليهم} متعلقان بتخرج واللام واقعة في جواب {لو} وكان فعل ماض ناقص واسمها ضمير يعود على المصدر المفهوم من {صبروا} أي لكان صبرهم و{خيرا} خبرها و{لهم} متعلقان بخير و{اللّه} مبتدأ و{غفور} خبر أول و{رحيم} خبر ثان.

.البلاغة:

1- في قوله تعالى: {بين يدي اللّه ورسوله} استعارة تمثيلية، شبّه تعجّل الصحابة في إقدامهم على البتّ في الحكم على أمر من أمور الدين بحالة من تقدم بين يدي متبوعه أثناء سيره في الطريق ثم استعمل في جانب الهجنة للمبالغة في تجسيد الهجنة وتقبيح الأمر، وقال الزمخشري وأبداع: حقيقة قولهم جلست بين يدي فلان أن يجلس بين الجهتين المسامتتين ليمينه وشماله قريبا منه فسمّيت الجهتان يدين لكونهما على سمت اليدين مع القرب منهما توسعا كما يسمى الشيء باسم غيره إذا جاوره وداناه في غير موضع وقد جرت هذه العبارة هاهنا على سنن ضرب من المجاز وهو الذي يسمّيه أهل البيان تمثيلا، ولجريها هكذا فائدة جليلة ليست في الكلام العريان وهي تصوير الهجنة والشناعة فيما نهوا عنه من الإقدام على أمر من الأمور دون الاحتذاء على أمثلة الكتاب والسنّة والمعنى أن لا تقطعوا أمرا إلا بعد ما يحكمان به ويأذنان فيه.
وعبارة الشهاب الخفاجي في حاشيته على البيضاوي: في هذا الكلام تجوز أن أحدهما في بين اليدين فإن حقيقته ما بين العضوين فتجوز بهما من الجهتين المقابلتين لليمين والشمال القريبتين منه بإطلاق اليدين على ما يجاورهما ويحاذيهما فهو من المجاز المرسل ثم استعيرت الجملة وهي التقدّم بين اليدين استعارة تمثيلية للقطع بالحكم بلا اقتداء ومتابعة لمن تلزمه متابعته تصويرا لهجنته وشناعته بصورة المحسوس كتقدم الخادم بين يدي سيده في مسيره.
2- الحذف: وحذف مفعول تقدموا كقوله: {يحيي ويميت} وقولهم هو يعطى ويمنع وفي الحذف من البلاغة ما ليس في الذكر لأن الخيال يذهب فيه كلّ مذهب.
3- التكرير: في تكرير قوله: {يا أيها الذين آمنوا} فائدة بلاغية لطيفة وهي إظهار الشفقة على المسترشد وإبداء المناصحة له على آكد وجه ليقبل على استماع الكلام ويعيره باله، ولتحديد المخاطبين بالذات، وأنهم هم المعنيون بالمناصحة، وفيه أيضا استدعاء لتجديد الاستبصار والتيقظ والتنبّه عند كل خطاب.
4- الكناية: في قوله: {من وراء الحجرات} كناية عن موضع خلوته صلى الله عليه وسلم ومقيله مع بعض نسائه وقد ازدادت الكناية بإيقاع الحجرات معرفة بالألف واللام دون الإضافة إليه وفي ذلك من حسن الأدب ما لا يخفى.

.الفوائد:

قال الزمخشري: فإن قلت لخّص الفرق بين الوجهين قلت تلخيصه أن يقدّر الفعل في الثاني مضموما إليه المفعول له كأنهما شيء واحد ثم يصب النهي عليهما جميعا صبّا وفي الأول يقدّر النهي موجها على الفعل على حياله ثم يعلّل له منهيا عنه فإن قلت بأيّ النهيين تعلق المفعول له؟ قلت: بالثاني عند البصريين مقدّرا إضماره عند الأول كقوله تعالى: {آتوني أفرغ عليه قطرا}، وبالعكس عند الكوفيين وأيّهما كان فمرجع المعنى إلى أن الرفع والجهر كلاهما منصوص أداؤه إلى حبوط العمل.

.[سورة الحجرات: الآيات 6- 8].

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)}.

.الإعراب:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ} {يا أيها الذين آمنوا}: تقدم إعرابها و{إن} شرطية و{جاءكم} فعل ماض في محل جزم فعل الشرط والكاف مفعول به مقدّم و{فاسق} فاعل مؤخر و{بنبإ} متعلقان بجاءكم والفاء رابطة لجواب الشرط لأن الجملة طلبية وتبينوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل و{أن تصيبوا} أن وما في حيزها في محل نصب مفعول من أجله على حذف مضاف أي خشية إصابتكم أو كراهة إصابتكم و{قوما} مفعول به و{بجهالة} في محل نصب حال من الفاعل أي جاهلين، {فتصبحوا} الفاء عاطفة وتصبحوا معطوف على {تصيبوا} والواو اسم تصبحوا و{على ما فعلتم} متعلقان بنادمين و{نادمين} خبر تصبحوا.
{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} الواو حرف عطف و{اعلموا} فعل أمر والواو فاعل وأن وما في حيزها سدّت مسدّ مفعولي {اعلموا} و{فيكم} خبر أن المقدم و{رسول اللّه} اسم إن المؤخر و{لو} شرطية وجملة {يطيعكم} حال من الضمير المجرور في قوله: {فيكم} و{في كثير} متعلقان بيطيعكم و{من الأمر} صفة لكثير واللام واقعة في جواب {لو} و{عنتّم} فعل وفاعل والجملة لا محل لها من الإعراب لأنها جواب {لو} والمعنى لوقعتم في العنت أي الهلاك.
{وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ} الواو عاطفة و{لكن} واسمها وجملة {حبب} خبرها و{إليكم} متعلقان بحبب و{الإيمان} مفعول به {وزيّنه} عطف على {حبّب} و{في قلوبكم} متعلقان بزينه {وكره إليكم الكفر} عطف على ما تقدم.
{أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} {أولئك} مبتدأ و{هم} ضمير فصل و{الراشدون} خبر {أولئك} ويجوز أن تعرب {هم} مبتدأ ثانيا و{الراشدون} خبره والجملة خبر {أولئك} وجملة {أولئك هم الراشدون} في محل نصب على الحال أو اعتراضية لا محل لها.
{فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} {فضلا} مفعول من أجله أو مصدر من غير فعله واختلف في ناصبه على الأول فقيل هو {حبب إليكم} فيتعين كون جملة {أولئك هم الراشدون} اعتراضية، وقيل النصب بتقدير فعل أي تبتغون فضلا ونعمة وقيل هو الراشدون على خلاف بين أهل السنة والمعتزلة سنورده في باب الفوائد {واللّه} مبتدأ و{عليم} خبر أول و{حكيم} خبر ثان.

.البلاغة:

اشتملت هذه الآيات على أفانين متنوعة من البلاغة نوردها موجزة فيما يلى:
1- التنكير: في قوله: {إن جاءكم فاسق} والفائدة منه الشياع والشمول لأن النكرة إذا وقعت في سياق الشرط عمّت كما تعمّ إذا وقعت في سياق النفي وقد تقدمت الإشارة إلى هذه القاعدة في غير مكان من هذا الكتاب، وفي هذا التنكير ردّ على من زعم أنها نزلت في الوليد بن عقبة وهو من كبار الصحابة لأن إطلاق الفسوق عليه بعيد ذلك أن الفسوق هو الخروج من الشيء والانسلاخ منه والوليد كما يذكرون ظن فأخطأ والمخطئ- كما يقول الرازي- لا يسمى فاسقا فالعموم هو المراد كأنه قال: أي فاسق جاءكم بأيّ نبأ فمحّصوه وأعرضوه على محك التصويب والتخطئة قبل البتّ في الحكم ولا تستعجلوا الأمور.